يقول أحد الشيوخ: في سنة 1994، مَرضتْ ابنتي
في هذا المجال..!!
وبعد ثلاثة أيام أمرني الطبيب الذي أجرى العملية الجراحية لابنتي بمغادرة المستشفى.. فطلب مني صاحبي الذي التقيته أول يوم أن تمكث الطفلة في بيته أسبوعا آخر حتى تسترد عافيتها وتستكمل نقاهتها لأن السفر متعب والمسافة بعيدة..!!
استحييت من كرمه وخيره لكني استجبت له.. ومكثت في ضيافته سبعة ليال وكانت زوجته تخدم ابنتي وكان هو وأولاده يترفقون بي وبابنتي ويعاملونني بمنتهى الرقة واللطف والأدب...
أنت تخدمني طوال أسبوع كامل وأنا لا أعرفك.. تخدمني وتبالغ في إكرامي..!! وأنا لم ألتقي بك سوى مرة واحدة في المستشفى..!! من أنت..!
حاول الرجل التهرب من الجواب لكنه وأمام إصراري.. أطرق برأسه قليلا.. ثم قال بنبرة خاڤتة يا عم إن كنت تذكر.. فأنا ذاك الطفل الذي أعطيته خمسة دنانير سنة 1964 عندما كنت أجلس خلفك في الحافلة أنا ابن فلان ابن فلان..
آه تذكرت.. أنت ابن فلان من قريتنا..!! نعم.. نعم.. لقد تذكرت.. يومها كنت في الحافلة متجها من قريتنا الفلاحية إلى إحدى المدن القريبة وكان يجلس خلفي صبيان عمرهما لا يتجاوز على ما يبدو سبعة أعوام سمعت أحدهما يحدث الآخر قائلا له هذا العام شحت السماء والخريف يوشك أن ينصرم والأرض لا تنبت شيئا وأبي فلاح فقير ليس بيده ما ينفقه علي ولذلك فأنا مضطر لترك مقاعد الدراسة هذا العام..!!
وعلى الفور.. أخرجت من جيبي خمسة دنانير وناولتها للصبي وقلت له خذ هذه الدنانير والمبلغ آنذاك يفي لشراء الأدوات المدرسية كلها..