تيم حسن في موقف لا يحسد عليه بسبب اټهامات بتقليده لهذا الممثل الشهير
قبل سنوات طلب المخرج سامر البرقاوي من الكاتب فؤاد حميرة الاستعانة بأفلام أميركية حملها البرقاوي نفسه، لكتابة الجزء الرابع من مسلسل "الهيبة"، رفض فؤاد حميرة اقتراح المخرج، وانسحب من كتابة المسلسل بعدما وضع التصور العام لبناء الأحداث، وغادر بيروت عائداً إلى القاهرة.
البرقاوي كان قد بدأ قبل نحو 8 أشهر بتصوير مسلسل رمضاني جديد، بعنوان "تاج" يجمعه للسنة التاسعة مع تيم حسن وللمرة الثانية مع الكاتب عمر أبو سعدة، بعدما قدما الموسم الماضي "الزند".
بعيداً عن الإشكالية أو التقليدية في تنفيذ مسلسل تدور أحداثه خلال حقبة الاستعمار الفرنسي لبلاد الشام، والطفرة التي خرجت بمثل هذه الأعمال لعشرات السنوات، الواضح أن البرقاوي هذه المرة استعان بسيرة حياة الملاكم الشهير جيك لاموتا، في فيلم Raging Bull للمخرج مارتن سكورسيزي، وبطولة روبرت دي نيرو إنتاج عام 1980.
لعلّ التشابه بين القصتين ليس كبيراً، إلا أنه يبدو واضحاً الاستعانة بتفاصيل كثيرة تحيل مباشرة إلى الفيلم الشهير، مع إضافة تعطي المسلسل طابعاً محلياً، وهو العودة إلى حقبة الاستعمار الفرنسي، لكن الشكل العام للعمل، من الأفيش أو الملصق الإعلاني، وصولاً إلى بناء سيناريو كامل حول بطل ملاكم، يحيلنا تلقائياً إلى الشربط الهوليوودي، الذي لاقى نجاحاً وترحيباً نقدياً كبيراً عند عرضه، مطلع ثمانينيات القرن الماضي.
يطرح سامر البرقاوي وعمر أبو سعدة حياة المصارع بتفاصيلها واهتماماتها ومزاجيتها، لكن الإضافة تكمن في العودة إلى زمن الاحتلال الفرنسي لبلاد الشام. بناءً عليه تطرح علامات استفهام عدة حول التعاون المتواصل بين سامر البرقاوي وتيم حسن. فإن كان النجاح الكبير الذي حققاه في أجزاء "الهيبة" جعلتهما يتعاونان في مسلسل "الزند ذئب العاصي" العام الماضي، فإن النجاح الأقل بريقاً الذي ناله هذا العمل، كان يجب أن يكون دافعاً إلى مراجعة هذا التعاون.
شخصية "عاصم" في "الزند" لم تكن جديدة على المشاهد، بل عرضت في كثير من الأعمال تحت سقف "البيئة الشامية"، وقدمت البطل الشعبي أو القائد الشجاع الذي تمرد على العثمانيين أو الفرنسيين، ومثال على ذلك مسلسل "الثريا" (إخراج هيثم حقي - 1997) الذي يرصد حياة أسرة باشا من أصول تركية عشية خروج العثمانيين من سورية ومن ثم دخول الفرنسيين.
في الحلقات الأولى من مسلسل تاج يبدو المضمون سطحياً ويعتمد كلياً على نجومية تيم حسن بعد "الهيبة"، فالفيلم باعتباره رمزيًّا في جوهره، ويروي قصة ملاكم حقيقي في Raging Bull، وقد اكتسب خاصية سحرية تظهر بوضوح المغزى وملتبسة المعنى في الوقت نفسه. تبعاً لحالة الملاكم النفسية وكيفية مواجهته مشاكله الخاصة، حتى يصل به الحال الى البعد عن عائلته وبيع الجوائز التي حصدها،. تُغيب هذه التفاصيل في الحلقات الأولى من "تاج"، ويعتمد المخرج مجدداً على حكاية البطل الذي لا يقهر، ومن ثم يعيد تدوير حكاية مقاومة الاحتلال الفرنسي التي جسدتها الدراما السورية لسنوات من خلال أعمال مماثلة.
لا يريد تيم حسن الخروج من عباءة البطل الأوحد، وقد اختار فايا يونان لتكون شريكته وهي المرة الأولى التي تدخل المغنية إلى عالم التمثيل، بدور البطولة إلى جانبه، ولعب المخرج على إقناع بسام كوسا المنافس الشرس لحسن بعد أكثر من عقد على عدم لقائهما أو عملهما معاً في مسلسل واحد. كل ما سبق وُظّف لمصلحة إنجاح المسلسل، في ظل غياب أحداث جديدة، يقدمها الكاتب أو المخرج إلى المشاهد العادي.