الأحد 24 نوفمبر 2024

قصة عن المخرج حاتم علي رحمه الله

موقع أيام نيوز

نقلاً عن  مكسيم خليل
قصة قصيرة:
في اخر يوم تصوير من مسلسل خماسية مطر ايلول..
وفي اخر مشهد من ذاك اليوم .. وبعد ١٥ يوم من التصوير المتواصل المتعب .. وصلنا انا ونادين لهذا المشهد الذي سينهي تصوير هذه الخماسية..
قلت لها مشهد مطر ..قليل من الضحك والتأمل و سينتهي الامر .. وبكل الاحوال لا يمكن اعادة المشهد ..

سيأخذ الكثير من الوقت لاعادة التحضير..
صورنا المشهد بهذا المزاج و كأننا نسينا اننا مع مخرج يحمل من وجهات النظر واحترام المهنة ماهو اوسع من فكرة ان تقول (مشهد و بيمرق) 
جاء حاتم او بالاحرى مايحق له فعلاً ان تناديه دوماً استاذ حاتم .. ليقول : لا .. (موهيك..هذا المشهد له معنى اخر ).. وشرح لنا لماذا وكيف و متى ..ببساطة العارف وثقة المتمكن..وأضاف عائداً الى المونيتور  :(يالله سنعيد المشهد) .. قلت لنادين حينها ضاحكاً ..
نسيت قلك انه المسلسل اخراج حاتم علي ( المشاهد التي لا تعاد يمكن ان تعاد من غامض علمه)..
رحل حاتم وترك في داخلي وحتماً في دواخل الكثيرين ماهو اهم من فكرة النجومية التي اصبحت صيداً سهلاً .. ترك في داخلنا معنى كلمة "الممثل " معنى فكرة ان "الفن رسالة" التي اصبحت في هذا الزمن (نكتة) او محط سخرية .. رحل وتركنا نكمل الصراع مع مفهوم  "الجمهور عاوز كدة" فهو يدرك ان هذه الجمله ماهي اللا تقليل من شأن ذائقة الجمهور الحقيقية..ترك داخلنا تلك الاسئلة الدائمة : لماذا و كيف و متى 
حاتم و اكثر من مخرج من هذا الصنف العالي كان يعرف ماذا يريد من المشهد .. كان يقول لي اريد ردة فعلك على هذه الكلمة ..لا يهمني ماقبل ومابعد ..
اريدها هنا .. لا تكرار واعادات بدون فهم …يخرج المشهد بعد التصوير الى المونتير جاهزا للمونتاج بالقطات المعتمدة و زمنها وتزمينها …حاتم يروي الحكاية و لا تعنيه تفاصيل الزينة.. حاتم يقترب بالممثل نحو الشارع ولا يترفع عنه.. حاتم علي ثقافة معرفية حقيقية من زمن القراءة والمعرفة و ليست فقط معرفة بصرية لا يحسن استخدامها .. نحن دائماً بحاجة لحماية هذا الإرث ..
الزمن يتطور .. لكن نحن بحاجة التطور من اساسات صحيحة .. يوجد فيها الحد الادنى من المهنية و المعرفة و الاحترام لتجارب الاخرين ..الحد الادنى من الموهبة الفطرية ..وعشق تقديم وجهة النظر .. هذا الارث الذي نرثه من حاتم علي وهيثم حقي و شوقي الماجري وهشام شربتجي واسماء كثيرة .. هو الاساس الصحيح 
لا شك انه لا مشكلة في التجريب والمحاولات و المغامرة.. فهذه المهنة تحيا و تتطور منها ..
لكن المهم هو الفصل بين ماهو فعلاً محاولة وبين الجهل والادعاء..
‎ لطالما كان في حياة المجتمعات 
‎عابرون كُثُر.. 
‎ لكن حتماً قليلون من يعبرون عبور
‎ (حاتم علي).