قصة وعبرة
انت في الصفحة 1 من صفحتين
#النصيحة بجمل
ﻳﺤﻜﻰ ﺃﻥ ﺭﺟﻼ ﺿﺎﻗﺖ ﺑﻪ ﺳﺒﻞ ﺍﻟﻌﻴﺶ، ﻓﻘﺮﺭ ﺃﻥ ﻳﺴﺎﻓﺮ ﺑﺤﺜﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﺮﺯﻕ، ﻓﺘﺮﻙ ﺑﻴﺘﻪ ﻭﺃﻫﻠﻪ ﻭﺳﺎﺭ ﺑﻌﻴﺪﺍ،
ﻭﻗﺎﺩﺗﻪ ﺍﻟﺨﻄﻰ ﺇﻟﻰ ﺑﻴﺖ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﺭﺣﺐ ﺑﻪ ﻭﺃﻛﺮﻡ ﻭﻓﺎﺩﺗﻪ، ﻭﻟﻤﺎ ﻋﺮﻑ ﺣﺎﺟﺘﻪ ﻋﺮﺽ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﻌﻤﻞ ﻋﻨﺪﻩ، ﻓﻮﺍﻓﻖ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻮﺭ، ﻭﻋﻤﻞ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ ﻳﺮﻋﻰ ﺍﻹﺑﻞ .
ﻭﺑﻌﺪ ﻋﺪﺓ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﺍﺷﺘﺎﻕ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻟﺒﻴﺘﻪ ﻭﺭﺅﻳﺔ ﺃﻫﻠﻪ ﻭﺃﺑﻨﺎﺋﻪ، ﻓﺄﺧﺒﺮ ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ ﻋﻦ ﺭﻏﺒﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺑﻠﺪﻩ، ﻓﻌﺰّ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﺮﺍﻗﻪ ﻟﺼﺪﻗﻪ ﻭﺃﻣﺎﻧﺘﻪ، ﻓﻜﺎﻓﺄﻩ ﻭﺃﻋﻄﺎﻩ ﺑﻌﻀﺎ ﻣﻦ ﺍﻹﺑﻞ ﻭﺍﻟﻤﺎﺷﻴﺔ .
ﺳﺎﺭ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻋﺎﺋﺪﺍ ﺇﻟﻰ ﺃﻫﻠﻪ، ﻭﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻗﻄﻊ ﻣﺴﺎﻓﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﺀ ﺍﻟﻘﺎﺣﻠﺔ، ﺭﺃﻱ ﺷﻴﺨﺎ ﺟﺎﻟﺴﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﺭﻋﺔ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ، ﻟﻴﺲ ﻋﻨﺪﻩ ﺷﻲﺀ ﺳﻮﻯ ﺧﻴﻤﺔ ﻣﻨﺼﻮﺑﺔ ﺑﺠﺎﻧﺐ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ، ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﻭﺻﻞ ﺇﻟﻴﻪ ﺣﻴّﺎﻩ ﻭﺳﺄﻟﻪ ﻣﺎﺫﺍ ﻳﻌﻤﻞ ﻟﻮﺣﺪﻩ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﺨﺎﻟﻲ ﻭﺗﺤﺖ ﺣﺮ ﺍﻟﺸﻤﺲ،
ﻓﻌﺠﺐ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ : ﻭﻣﺎ ﻫﻲ ﺗﺠﺎﺭﺗﻚ؟
ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺍﻟﺸﻴﺦ : ﺃﻧﺎ ﺃﺑﻴﻊ ﻧﺼﺎﺋﺢ،
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﺮﺟﻞ : ﻭﺑﻜﻢ ﺍﻟﻨﺼﻴﺤﺔ؟ !
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ : ﻛﻞ ﻧﺼﻴﺤﺔ ﺑﺠﻤﻞ .
ﻓﺎﻃﺮﻕ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻣﻔﻜﺮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺼﻴﺤﺔ ﻭﻓﻲ ﺛﻤﻨﻬﺎ ﺍﻟﺒﺎﻫﻆ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﻤﻞ ﻃﻮﻳﻼ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻗﺮﺭ ﺃﻥ ﻳﺸﺘﺮﻱ ﻧﺼﻴﺤﺔ،
ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ : ﻫﺎﺕ ﻟﻲ ﻧﺼﻴﺤﺔ .
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ : « ﺇﺫﺍ ﻃﻠﻊ ﺳﻬﻴﻞ ﻻ ﺗﺄﻣﻦ ﻟﻠﺴﻴﻞ » .
ﻗﺎﻝ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ : ﻣﺎ ﻟﻲ ﻭﻟﺴﻬﻴﻞ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﺀ ﺍﻟﻤﻮﺣﺸﺔ، ﻭﻣﺎﺫﺍ ﺗﻨﻔﻌﻨﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﺼﻴﺤﺔ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺮ،
ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﻭﺟﺪ ﺃﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻨﻔﻌﻪ ﻗﺎﻝ ﻟﻠﺸﻴﺦ : ﻫﺎﺕ ﻟﻲ ﻧﺼﻴﺤﺔ ﺍﺧﺮﻯ ﻭﺳﺄﻋﻄﻴﻚ ﺟﻤﻼ ﺁﺧﺮ .
ﺗﺄﻣﻞ ﺻﺎﺣﺒﻨﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﺼﻴﺤﺔ ﺃﻳﻀﺎ ﻭﺃﺩﺍﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﻓﻜﺮﻩ ﻭﻟﻢ ﻳﺠﺪ ﺑﻬﺎ ﺃﻱ ﻓﺎﺋﺪﺓ،
ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻠﺸﻴﺦ ﻫﺎﺕ ﺍﻟﻨﺼﻴﺤﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻭﺳﺄﻋﻄﻴﻚ ﺟﻤﻼ ﺁﺧﺮ .
ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ : « ﻧﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨَّﺪَﻡ ﻭﻻ ﺗﻨﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻡ » .
ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺍﻟﻨﺼﻴﺤﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺑﺄﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺳﺎﺑﻘﺘﻴﻬﺎ، ﻓﺘﺮﻙ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻭﺃﻋﻄﺎﻩ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ، ﻭﺳﺎﻕ ﻣﺎ ﺑﻘﻲ ﻣﻌﻪ ﻣﻦ ﺇﺑﻞ ﻭﻣﺎﺷﻴﺔ ﻭﺳﺎﺭ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﻪ ﻋﺎﺋﺪﺍ ﺇﻟﻰ ﺃﻫﻠﻪ ﻋﺪﺓ ﺃﻳﺎﻡ ﻧﺴﻲ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺍﻟﻨﺼﺎﺋﺢ ﻣﻦ ﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﺘﻌﺐ ﻭﺷﺪﺓ ﺍﻟﺤﺮ .
ﻭﻓﻲ ﺃﺣﺪ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﺃﺩﺭﻛﻪ ﺍﻟﻤﺴﺎﺀ ﻓﻮﺻﻞ ﺇﻟﻰ ﻗﻮﻡ ﻧﺼﺒﻮﺍ ﺧﻴﺎﻣﻬﻢ ﻓﻲ ﻗﺎﻉ ﻭﺍﺩ ﻛﺒﻴﺮ، ﻓﺘﻌﺸﻰ ﻋﻨﺪ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﻭﺑﺎﺕ ﻋﻨﺪﻩ، ﻭﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺘﺄﻣﻞ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﺷﺎﻫﺪ ﻧﺠﻢ ﺳﻬﻴﻞ، ﻓﺘﺬﻛﺮ ﺍﻟﻨﺼﻴﺤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺎﻟﻬﺎ ﻟﻪ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻓﻘﺎﻡ ﺳﺮﻳﻌﺎ ﻭﺃﻳﻘﻆ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻭﺃﺧﺒﺮﻩ ﺑﻘﺼﺔ ﺍﻟﻨﺼﻴﺤﺔ، ﻭﻃﻠﺐ ﻣﻨﻪ ﺃﻥ ﻳﺨﺒﺮ ﻗﻮﻣﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﺨﺮﺟﻮﺍ ﻣﻦ ﻗﺎﻉ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﺍﺩﻱ، ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻤﻀﻴﻒ ﻟﻢ ﻳﻜﺘﺮﺙ ﻟﻪ،
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﺮﺟﻞ : ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻟﻘﺪ ﺍﺷﺘﺮﻳﺖ ﺍﻟﻨﺼﻴﺤﺔ ﺑﺠﻤﻞ ﻭﻟﻦ ﺃﻧﺎﻡ ﻓﻲ ﻗﺎﻉ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺍﺩﻱ،