كنت أرى أمي من حينٍ الى حين، تقصد بيت جارتنا الأرملة، لتطلب منها تارةً ملح طعام و طوراً بعض ماء الشرب
كنت أرى أمي من حينٍ الى حين، تقصد بيت جارتنا الأرملة، لتطلب منها تارةً ملح طعام و طوراً بعض ماء الشرب، بحجة ان الملح قد نفذت او ان الماء قد انقطعت في بيتنا، لم اكن اكترث لذلك كثيرا، لكن أمي ليست ممن تطلب شيئا من أحد، حتى منّا نحن أولادها، و ذلك دفعني ذات يومٍ لأسألها: لماذا أراكِ تطلبين من جارتنا أشياء نحن عندنا منها الكثير، و في الأصل كلها أشياءٌ رخيصة الثمن، و انت لا تطلبين شيئا حتى من أبي.
فكان الرد: يا بني، جارتنا وضعها المعيشي صعب، و أحيانا تطلب مني قليلا من السكر او القهوة او الخبز. فلهذا انا أيضا من حين الى آخر اطلب منها اشياء رخيصة الثمن كملحٍ او ماء، أشياء بمقدورها ان تعطينا اياها، فلا تشعرنّ بحرجٍ لو طلبت منا شيء، و لتعرف ايضاً اننا بحاجتها كما تحتاج هي الينا بعد الله.
اعطِ من دون ان يراك أحد
و راعِ نفساً أعنتها
و استر بالصمتِ حاجة من مددت له يدك